responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 30
وَقَدْ أَشَارَتِ الْآيَةُ إِلَى أَنَّ هَذِه فَائِدَة الْمُؤمن تَنْفَعُهُ فِي دُنْيَاهُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَصِيرَةِ وَذَلِكَ مِمَّا تَطْلُبُهُ النُّفُوسُ، وَأَشَارَتْ إِلَى فَائِدَةِ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ بِقَوْلِهِ: وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ الَّذِي هُوَ تَعْرِيضٌ بالوعد وَالثَّوَاب.
[257]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 257]
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (257)
وَقَعَ قَوْلُهُ: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ مَوْقِعَ التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ: لَا انْفِصامَ لَها [الْبَقَرَة: 256] لِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالطَّاغُوتِ وَآمَنُوا بِاللَّهِ قَدْ تَوَلَّوُا اللَّهَ فَصَارَ وَلِيَّهُمْ، فَهُوَ يُقَدِّرُ لَهُمْ مَا فِيهِ نَفْعُهُمْ وَهُوَ ذَبُّ الشُّبُهَاتِ عَنْهُمْ، فَبِذَلِكَ يَسْتَمِرُّ تَمَسُّكُهُمْ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَيَأْمَنُونَ انْفِصَامَهَا، أَيْ فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَإِنَّ اللَّهَ يَزِيدُهُ هُدًى.
وَالْوَلِيُّ الْحَلِيفُ فَهُوَ يَنْصُرُ مَوْلَاهُ. فَالْمُرَادُ بِالنُّورِ نُورُ الْبُرْهَانِ وَالْحَقِّ، وَبِالظُّلُمَاتِ ظُلُمَاتُ الشُّبُهَاتِ وَالشَّكِّ، فَاللَّهُ يَزِيدُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى لِأَنَّ اتِّبَاعَهُمُ الْإِسْلَامَ تَيْسِيرٌ لِطُرُقِ
الْيَقِينِ فَهُمْ يَزْدَادُونَ تَوَغُّلًا فِيهَا يَوْمًا فَيَوْمًا، وَبِعَكْسِهِمُ الَّذِينَ اخْتَارُوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنَّ اخْتِيَارَهُمْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى خَتْمٍ ضُرِبَ عَلَى عُقُولِهِمْ فَلَمْ يَهْتَدُوا، فَهُمْ يَزْدَادَونَ فِي الضَّلَالِ يَوْمًا فَيَوْمًا. وَلِأَجْلِ هَذَا الِازْدِيَادِ الْمُتَجَدِّدِ فِي الْأَمْرَيْنِ وَقَعَ التَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ فِي- يُخْرِجُهُمْ- ويخرجونهم- وَبِهَذَا يَتَّضِحُ وَجْهُ تَعْقِيبِ هَذِهِ الْآيَاتِ بِآيَةِ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ [الْبَقَرَة: 258] ثُمَّ بِآيَةِ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ [الْبَقَرَة: 259] ثُمَّ بِآيَةِ وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى فَإِنَّ جَمِيعَهَا جَاءَ لِبَيَانِ وُجُوهِ انْجِلَاءِ الشَّكِّ وَالشُّبُهَاتِ عَنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِينَ صَدَقَ إِيمَانُهُمْ، وَلَا دَاعِيَ إِلَى مَا فِي «الْكَشَّافِ» وَغَيْرِهِ مِنْ تَأْوِيلِ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِالَّذِينَ أَرَادُوا ذَلِكَ، وَجَعْلِ النُّورِ وَالظُّلُمَاتِ تَشْبِيهًا لِلْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، لِمَا عَلِمْتَ مِنْ ظُهُورِ الْمَعْنَى بِمَا يَدْفَعُ الْحَاجَةَ إِلَى التَّأْوِيلِ بِذَلِكَ، وَلَا يَحْسُنُ وَقْعُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ، وَلِقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ فَإِنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لِلْحَمْلِ عَلَى زِيَادَةِ تَضْلِيلِ الْكَافِرِ فِي كُفْرِهِ بِمَزِيدِ الشَّكِّ كَمَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست